تعتبر مصر واحدة من أوائل الدول العربية التي صادقت على الميثاق التأسيسي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، مقترحة إنشاء مركز دائم لليونسكو في القاهرة، وفي عام 1947، تمت إقامة وافتتاح هذا المركز (مكتب اليونسكو الإقليمي للعلوم)، ليعمل ضمن منظومة تتكون من 52 مكتبًا ميدانيًا منتشرة في جميع أنحاء العالم، واحتفلت مصر اليوم الأربعاء بمرور 70 عامًا على هذه المناسبة، وأقيم الاحتفال في المتحف القومي للحضارة المصرية، تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء شريف إسماعيل، تحت شعار (70 عامًا في بناء السلام في عقول الرجال والنساء في المنطقة العربية).
وقد مر المكتب الإقليمي لليونسكو في مصر بعدة مراحل تطور، بدايتها كان (مكتب الشرق الأوسط للتعاون العلمي) في عام 1947، واختص المكتب خلال السنوات الأولى من إنشائه بإعادة تفعيل التعاون العلمي الدولي والإقليمي، الذي تعطل خلال الحرب العالمية الثانية.
ويرتكز الهدف الرئيسي لمكتب اليونسكو بالقاهرة – بصفته مكتبًا إقليميًا للعلوم والتكنولوجيا – على المساهمة في التطور العلمي للدول الأعضاء بالمنطقة.
تطور المكتب إلى (المركز الإقليمي للعلوم والتكنولوجيا للدول العربية) في عام 1966، وكان المكتب المسؤول عن الترويج والتخطيط والتنفيذ والإشراف على البرنامج الإقليمي لليونسكو في مجال العلم والتكنولوجيا، كما ساعد الحكومات في مجال التخطيط للمشاريع الوطنية، ثم (المكتب الميداني للدول العربية) في عام 1969، وشملت مسؤوليات المكتب تخطيط وتنفيذ المشاريع الإقليمية، بما في ذلك إعداد وتنظيم ومتابعة المؤتمرات الإقليمية على المستوى الوزاري والإقليمي واجتماعات الخبراء لإعداد وتنفيذ مشاريع وطنية للبلدان التي خدمها المكتب في ذلك الوقت.
بعد ذلك تم تعديل اسم المكتب واختصاصاته بناء على قرار المؤتمر العام لليونسكو في دورته الثامنة عشرة ليصبح (المكتب الإقليمي للعلوم والتكنولوجيا للدول العربية) في عام 1975، وأخيرًا أصبح مكتبًا متكاملًا لدعم مجالات إضافية بجانب العلوم والتكنولوجيا، تشمل التعليم والثقافة والاتصال والإعلام والمعلوماتية منذ عام 1994.
ويعمل المكتب حاليًا على مستوى جميع الدول العربية في مجال العلوم والتكنولوجيا، بالإضافة إلى الدور الذي يلعبه على المستوى شبه الإقليمي في المنطقة العربية لكل من دول مصر والسودان والجماهيرية العربية الليبية في مجالات التربية والعلوم والثقافة والاتصال، ويخدم المكتب الإقليمي لليونسكو – ومقره القاهرة – 17 دولة عربية، من بينها: مصر، والجزائر، والبحرين، والعراق، والأردن، والكويت، ولبنان، وليبيا، والمغرب، وعمان، والسعودية، والسودان، وسوريا، وتونس، والإمارات، واليمن.
وعلى غرار جميع المكاتب الميدانية لليونسكو وغيرها من الوحدات، يتولى مكتب القاهرة المساهمة في دعم ثقافة السلام والأمن في العالم، من خلال تعزيز التعاون الفكري بين الأمم، بالاستعانة بآليات التعليم والعلوم والثقافة والاتصال، ويدعم الدول العربية في العديد من المجالات بآليات مختلفة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030.
وضمن هذا الإطار، يقدم المكتب الإقليمي للعلوم في الدول العربية الدعم لدول المنطقة في مجالات عديدة كترويج العلوم والمعارف، وتطوير العلوم الطبيعية، وحماية الموارد المائية، وحماية التنوع البيولوجي والجيولوجي الفريد في المنطقة، ودعم جهود إقامة اقتصادات ومجتمعات المعرفة في الدول العربية، والعمل على تعزيز العلاقات بين الأمم والمجتمعات، وتعبئة الجمهور بشكل عام، كي يحصل كل طفل ومواطن على التعليم الجيد الذي يوفر فرص النمو والعيش في بيئة ثقافية غنية بالتنوع والحوار.
وتعمل منظمة اليونسكو كذلك من خلال مكاتبها الإقليمية على تعزيز القيم الإنسانية العالمية، وضمان استفادة الجميع من أوجه التقدم العلمي، حيث يعمل المكتب الإقليمي في مصر في جميع مجالات اليونسكو، بما فيها التربية والثقافة والعلوم، ويدعم نشاطات اليونسكو في السودان وليبيا في العديد من المجالات، بما فيها دعم التعليم الجيد والشامل للجميع، والحفاظ على التراث الثقافي، إضافة إلى ذلك، يقوم بريادة عدد من المشاريع المهمة والمتميزة على المستوى المصري والإقليمي العربي في مجالات عدة، بما فيها تمكين الشباب وتعزيز الحوار بين الثقافات، ودعم المدن العربية الشاملة للجميع، حيث يتعاون المكتب في ذلك مع جامعة الدول العربية والأزهر الشريف.