بقلم: فرج ميخائيل
أصبح النظام “ الفوضوي” هو النظام السائد فى مختلف المجالات ..ولكل مصطلح جديد تعريف ايضا مختلف : هو نظام يقنن الفوضى اى انه يجد لكل مخالفة اسباب شرعية ومنطق قانونى حتى تصبح الفوضى قانونا جديدا يفرض نفسه على مجتمع بائس تغيرت مبادئه واختلف اسلوب تفكيره وتحليله للمواقف ودراستها بحسب معطيات جديدة واسس مغايرة تفشت فى البلاد نتيجة لتضارب الافكار والاتجاهات السياسية والدينية على صعيد واسع.
فنرى شئ لا يصدقه العقل وهو انه اصبح الشئ و عكسه لهم دلائل على صحتهم واختفت مقولة “لا يصح الا الصحيح” فاصبح الخطاء ايضا مقبول لا يرفضه المنطق البشرى بل واعتنقه اناس تخصصوا فى قلب الحقائق والنظر لكل العادات والتقاليد بل والقوانين التى تحكم مجتمعاتنا وتنظم العلاقات بيننا الى انها مجرد وجهة نظر وعملوا على اثبات فشلها بتطبيق منطقهم العجيب وتحويل الحرام الى حلال والمنفر الى غاية والبشع الى مقبول وسؤ الاخلاق اصبح فضيلة ، فانقلبت الموازين..فلم يعد هناك تقدير لعلم او لاكتشاف ؛ والعجب انهم تمادوا فى جهلهم فيرفضون القواتين العلمية التى تحكم الكون والطبيعة والاكتشافات العلمية ويدعون انها كلها اكاذيب تهذب بالعقول!!!
فهل يمكننا ان نتخيل كيف يمكننا العيش تحت طائلة هذا القانون الفوضوى..؟ حيث انقلبت الموازين واصبح الغش شطارة والسرقة مهارة والاستهزاء ذكاء والاهانة مسموحة والاستهتار غير مرفوض والكلمات البذيئة رأى حر والفن الرخيص اصبح يعكس صورة مجتمع انهار بكل معنى الكلمة…
والسؤال الذى يطرح نفسه فى ظل هذا الواقع المؤلم: كيف للقلة القليلة الباقية على منهج الالتزام والمتمسكة بالمبادئ والقيم ان تشق طريقها فى وسط هذا الطريق المظلم الذى يحاول الحاقدون فيه والمستهترون ان يحجبوا اى بصيص من الامل لاصلاح ما قد فسدوه..لانهم اعتمدوا على منهجية القوة وكثرة العدد التى تساعدهم فى بث السم فى اي وسط وجدوا فيه .
والاخطر من هذا عندما تكون هذه الفئة ممن فى يديهم نفوذ او سلطة او ادارة والطامة الكبري عندما يكون هولاء ذوى العقول المظلمة مسئولين عن تنشئة وتعليم اطفال يزرعون فى نفوسهم قبل عقولهم المبادئ المغلوطة بل ويدربونهم على الالفاظ البذيئة والنظرات الحاقدة فيمهدون لانفسهم ارض خصبة يزرعون فيها الجهل والتخلف ويرونها بدماء الابرياء. وللاسف لشدة هذا التيار وانتشاره يكلفنا التصدى له الكثير والكثير من التضحيات التى تدمى قلوبنا..فيعم الحزن وتعلو الوجوه الحسرة و لشدة الضيقات يستسلم البعض إما للأحزان أو بانضمامه للفريق الذى يظنه انه الاقوى حتى يمد يديه الى الاذى لعله يشفى غليله.. أو أضعف الإيمان ان يحمي نفسه من شرهم.
ولكن لن يستسلم ابدا ذوى الالباب الى هذا الاعصار المدمر انما يواجهونه بالسلاح تارة وبالعلم والفضيلة تارة اخرى ولن يكلوا حتى يذهبون بهذه السحابة السوداء التى حجبت رؤية المستقبل المشرق وزرعت السواد داخل القلوب قبل العقول..فالقلة التى لاتملك الا الحب والايمان وتحمل نبراس العلم والفضائل قادرة على اظهار النور البراق الذى يعمى اعين الجهال ويأخد بيد المستنيرين ليمكنهم من تكملة المسيرة الحرة ورفع شأن الوطن وتحقيق العدالة والحفاظ على كرامة الانسان وحريته وحقوقه.