بقلم: هيثم السباعي
نستأنف اليوم حديثنا الذي بدأناه بالعدد الماضي حول حادثة إغتيال الرئيس كينيدي التي شغلت عدداً كبيراً من المحققين الصحفيين وغير الصحفيين. وعلى مايبدو أن بعضهم إقترب من إكتشاف الحقيقة عن أسباب الإغتيال ومَنْ وراءه. لهذا فَقَدَ أكثر من أربعين شخصاً حياتهم في ظروف غامضة بعد الإغتيال بفترة قصيرة دون معرفة الأسباب الحقيقية. كما أن الرئيس كينيدي إرتكب برأيي عدة أخطاء قاتلة ساهمت بإغتياله أهمها إبقاء ‘چي (چون) إدغار هوڤر’ مؤسس ومدير مكتب التحقيقات الفيديرالية في منصبه الذي شغله منذ عام ١٩٣٥ حتى وفاته عام ١٩٧٢ ‘وألان دالاس’ مدير وكالة الإستخبارات المركزية (سي آي إي) وشقيق وزير الخارجية الأسبق ‘چون فوستر دالاس’. لكل منهما مشكلة مختلفة مع الرئيس كينيدي سنأتي على ذكرهما بعد قليل.
في اليوم التالي للإغتيال نقلت طائرة القوات الجوية رقم ١ (إير فورس ١) جثمان الرئيس القتيل، ولكن بدون دماغه، إلى واشنطن للقيام بمراسم الدفن الرسمية. فقد تم إستئصال الدماغ ليلاً، بمعرفة رئيس الأطباء الذي ذكرت إسمه في المقالات السابقة. قد يتساءل البعض ماهو الهدف من إستئصال الدماغ؟؟؟ الإجابه بمنتهى البساطه لأن التشريح المقطعي للدماغ سيبين مسار وإتجاه الرصاصة التي قتلته وبالتالي ستعرف الجهة التي أطلقت منها وستكون النتيجة مفاجئه إذا تبين أنها لم تأت من مخزن الكتب المدرسيه التي أطلق منها لي هارڤي أوزوالد بندقيته القديمة، حسب إدعاء أجهزة الأمن.
حقيقتان أخريان غريبتان، تدعوان للتساؤل عن مصدرهما وكيف تم نقلهما؟؟؟ وماكان الهدف من نشرهما؟ الأولى هي تلقي صحفي بريطاني يعمل لدى وكالة أنباء كامبريدج مكالمة هاتفية من مجهول قبل ٢٥ دقيقة من وقوع الإغتيال يطلب إليه التحدث مع السفارة الأميريكية لإعلامها إنتظار نبأ مهم جداً بعد قليل. أما الحقيقة الثانية فقد تحدث عنها المخرج السينمائي المعروف ‘أوليڤر ستون’ في فيلمه لعام ١٩٩١ (چي إف كي) عالج فيه موضوع الإغتيال وبين فيه أن إذاعة نيو زيلاندا أذاعت نبأ الإغتيال قبل وقوعه بست ساعات. والسؤال من قام بنشر هذه المعلومات وما الهدف منها؟؟؟ الحقيقة أنه لاتوجد أي مبررات منطقية لذلك سوى أن أجهزة الأمن الأميريكية هي التي قامت بذلك، ولم أجد، من جهتي مع الأسف أي تفسير أو تفسيرات لذلك. كما أنني أعتقد جازماً أن نشر الوثائق التي تعد بالآلاف وتتكون من ملايين الصفحات، الآن لن يوصلنا، كما أسلفت إلى أي نتيجة حول تفاصيل العمليه ومن قام بها، وربما ستبقى سرية إلى أبد الآبدين، ناهيك عن قيام أجهزة الأمن بطمس كثير من الجمل والمعلومات الهامة بالحبر الأسود بحجة خطورتها على الأمن القومي.
لنضع الآن قائمة بأعداء الرئيس (چي إف كي) والمستفيدين من إغتياله، ومن ثم نشرح الأسباب التي أدت إلى عداء تلك الشخصيات والجهات المختلفة للرئيس وأعطتها المبررات اللازمة للتخطيط والإشتراك بالإغتيال، علماً بأنه قد نتمكن من تصنيف أيها كان أكثر عداءً:
١. ‘ألان دالاس’، مدير وكالة الإستخبارات المركزية (سي آي إي) والعاملين فيها.
٢. ‘چي إدغار هوڤر’ مدير مكتب التحقيقات الفيديرالي (إف بي آي) والعاملين فيها. الشيء بالشيء يذكر، هوڤر، لم يتزوج وهو متهم بالشذوذ الجنسي الذي كان يمارسه مع صديقه ومعاونه في المكتب، ‘كلايد تولسون’.
٣. جنرالات وزارة الدفاع (الپنتاغون)
٤. شركات الصناعات الحربية العملاقة وعلى رأسها لوكهيد مارتن وبوينغ وپيوتن وغيرها.
٥. المافيا مع القائمين على الجريمة المنظمة.
٦. ليندون پي جونسون، نائب الرئيس.
٧. الثائر الشيوعي فيديل كاسترو، رئيس كوبا.
٨. الإتحاد السوڤييتي بقيادة ‘نيكيتا خروتشيڤ’ رئيس مجلس السوڤييت الأعلى بعد بناء قواعد إطلاق صواريخ عابرة للقارات في كوبا التي تسببت بأزمة عُرفت بأزمة الصواريخ.
نبدأ الآن بذكر تفاصيل دوافع وفوائد كل جهة قد تكون ساهمت بشكل أو بآخر بإغتيال چي إف كي:
١. لم تكن وكالة الإستخبارات المركزية غارقة حتى أذنيها بعملية الإغتيال، بل هي غارقة حتى قمة رأسها، كما كشف أحد عملائها، الذي لايزال على قيد الحياة لصحيفة الإنديپيندنت اللندنية. لذلك كان ‘مايك پومپيو’ مدير الوكالة الحالي من أشد المعارضين لقرار الرئيس وأشدهم غضباً.
أبقى الرئيس كينيدي “ألان دالاس” مدير الوكالة في عهد الرئيس دوايت آيزنهاور في منصبه. كانت الوكالة أقامت، في عهد آيزنهاور معسكراً في فلوريدا لتدريب وتسليح الكوبيين الهاربين والمعارضين للإنقلاب الشيوعي بقيادة فيديل كاسترو وإرنستو تشي غيفارا في كوبا تمهيداً لغزوها وقلب نظام الحكم فيها. ورث چي إف كي ذلك المعسكر وخطة الهجوم على كوبا من سلفه، ويبدو أنه لم يكن موافقاً عليها لأسباب لم يعلن عنها. قام الكوبيون المعارضون بشن هجومهم على كوبا من خليج الخنازير حيث إصطدموا بمقاومة شديدة جداً إحتاجت إلى دعم جوي رفض الرئيس كينيدي تقديمه وبالتالي منيت الحملة بفشل ذريع. يقول مؤيدوا نظرية المؤامرة أن الهجوم خُطط له كي يفشل لإعطاء المبررات اللازمة لإتهام الرئيس كينيدي بإفشاله.
كان لي هارڤي أوزوالد تحت مراقبة وكالة الإستخبارات المركزيه ومكتب التحقيقات الفيديرالي الشديدة بسب نشاطاته في الإتحاد السوڤييتي وكوبا. في العدد القادم سنتطرق للحديث عن علاقته مع ‘السي آي إي’ وزيارته إلى المكسيك التي دامت ستة أيام إجتمع خلالها مع مسؤولين من السفارتين الكوبية والسوڤييتية.