بقلم: هيثم السباعي
من المفيد جداً مع تصاعد التوتر بالعلاقات الأميريكية مع كوريا الشمالية، من إلقاء نظرة مختصرة على الأسباب التي أدت إلى هذه الأزمة وتبادل التهديدات بإستخدام الأسلحة النووية.
١. الولايات المتحدة الأميريكية:
تثبت الأحداث التاريخية الحديثة، أن الإدارات الأميريكية المتعاقبة، جمهورية كانت أم ديموقراطية لاتتوانى عن فعل أي شيء في سبيل إشباع جشعها المتمثل بصورة أساسية ببيع أسلحتها إضافة إلى بقية صناعاتها الأخرى لدول العالم خاصة الثالث منها. للوصول إلى أهدافها هذه تحافظ على مناطق ساخنة في العالم بعيدا عن قارتها. وكلما بردت منطقة تقوم بتسخين أخرى جديدة. النظرة التاريخية المختصرة التالية، على سبيل المثال لا الحصر تعطينا فكرة عن ممارساتها التي أقل مايقال فيها أنها قمة بالأنانية.
كنت أبلغ من العمر خمس سنوات ونصف عندما وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها في عام ١٩٤٥. من تداعيات تلك الحرب التي لاتقاس أهوالها، رغم إتساعها بما نراه اليوم، حتى في الحروب المحليه، إنسحاب قوات الإمبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس (بريطانيا العظمى) إلى شرقي قناة السويس وخروج الولايات المتحدة الأميريكيه منها كأقوى إمبراطورية عسكرية في التاريخ ملأت الفراغات الذي خلفها الإستعمار القديم.
منذ ذلك التاريخ حتى اليوم لم يهدأ العالم ولو لفترة زمنية قصيرة من تأجيج الحروب المحليه التي تشعلها الولايات المتحدة الأميريكية وأحياناً تخوضها جزئياً وتجعل منها حقول تجارب لأسلحتها الجديدة التي تطورها بإستمرار ودون توقف. من الأمثلة القريبه إستخدامها “المركب البرتقالي” عام ١٩٦٧ في حربها في ڤييتنام والذي يحوي مركب الديوكسين السام جداً. وكذلك إستخدامها السلاح النووي المخفف (اليورانيوم المخفف) في معركة الفلوجة في العراق والتي سببت ولازالت تسبب تشوهات خلقية بمواليد تلك المدينة. والأهم من كل هذا الحفاظ على دوران عجلات صناعاتها بأشكالها المختلفه وخاصة صناعة السلاح.
في عام ١٩٤٧ بدأت الحرب العربية الإسرائيلية الأولى بعد قرار الأمم المتحدة تقسيم فلسطين وإقامة دولة إسرائيل والتي أذكر بعضاً من نتائجها رغم صغر سني. في عام ١٩٥٠ بدأت الحرب الكورية بحجة إيقاف المد الشيوعي وإنتهت في عام ١٩٥٣. بعدها بسنوات قليلة، لاتتجاوز أصابع اليد، بدأت حرب ڤييتنام ولاووس وكمبوديا وإنتهت في بواكير سبعينيات القرن الماضي. في منتصف عام ١٩٦٧ إندلعت الحرب العربية الإسرائيلية الثالثة قامت خلالها الولايات المتحدة الأميريكيه بتزويد إسرائيل بالسلاح والذخيرة عن طريق جسر جوي بين البلدين وسمحت للطيارين والجنود الأميريكيين اليهود بالمشاركة في القتال الدائر في حينها.
في عام ١٩٨٠ أغرت العراق بالهجوم على إيران بحجة إلغاء معاهدة الجزائر التي وقعها الرئيس صدام حسين عندما كان نائباً للرئيس مع شاه إيران والتي إستمرت ثماني سنوات وزودت العراق الذي كاد أن يكون دولة صناعية بالأسلحة والذخيره بهدف تحطيم الدولتين، وإستنزاف ثرواتهما النفطية. وقد تم ذلك بخروج العراق كدولة مدينة بعد أن كان لديها إحتياطي يقدر بستين مليار دولار وكلفت الدولتين مليون شهيد. في أوائل عام ١٩٩١، خاضت حرب الخليج الثانية، كجزء رئيسي من تحالف دولي عندما غزت الكويت لطرد القوات العراقية منه، علماً بأن سفيرتها إلى العراق “إبريل غلاسبي” ضللت وألمحت للرئيس صدام حسين دون العوده إلى حكومتها، أن غزوه للكويت تعتبره بلادها شأناً داخلياً، وقد قضت نحبها بعد عدة سنوات في ظروف غامضة.
بعد إنهيار جدار برلين عام ١٩٨٩ وسقوط الإتحاد السوڤييتي، بدأت حروب البلقان بين صربيا وكرواتيا وكلاهما ضد البوسنه والهرسك وكوسوڤو وتدخلت في تلك الأثناء بالحرب الأهلية في الصومال وساهمت بإفشاله كدولة. في عام ٢٠٠١ غزت أفغانستان تمهيدا لغزو العراق في عام ٢٠٠٣ وغزو إيران بعده، إلا أن خطة غزو إيران صرف النظر عنها لفشل غزو العراق الذي كان يعتقد أنه سيستقبل بالترحاب، وسيمر بدون صعوبات، كما أوحى أحمد چلبي ورفاقه بذلك للقيادة الأميريكية.
لايمكن لأحد تجاهل تدخلها بجنوب السودان وغربه في دارفور وكذلك بأحداث أوكرانيا والربيع العربي خاصة في مصر وليبيا وحديثاً في سورية. لا أحد يدري بعد هدوء الأحوال في المناطق الساخنة الحالية أين ستكون وجهتها، هل ستكون بالعودة إلى شرق وجنوب شرق آسيا حيث الإمبراطورية الصينية على وشك النهوض من جديد؟؟؟؟ فتكون المنافس الشديد لها كما توحي الأحداث الحالية، أم ستكون هناك منطقة لانعلمها!!!؟؟؟؟
لسنا هنا بصدد تدخلاتها التي لاتتوقف بالشؤون الداخلية لدول أميريكا الوسطى والجنوبية ووقوفها ضد أي حركة من حركات التحرر من الديكتاتوريات التي تحكمها لأنها تعتبرها من ممتلكاتها الخاصة وتدعوها بالحديقة الخلفية. لابد من الإشارة هنا إلى أن القوات الأميركية تنتشر حالياً في أكثر من ١٠٠ دوله حول العالم.
وللحديث بقية .