بقلم: فرج ميخائيل
مع التقدم الرائع فى وسائل الاتصالات الاكترونية و مواقع التواصل الاجتماعى التى ساهمت فى توفير الوقت الى حد كبير وتلاشت الحواجز ولم يعد هناك اى عائق امامنا لنتواصل فى اى وقت مع اى شخص فى اى مكان فقد نسينا حتى بُعد المسافات .. ونرى احبائنا ممن هاجروا او اضطروا للسفر للدراسة او للعمل وهذه المحادثات المرئية تثلج قلوبنا التى تتوقد دائما بالاشتياق الى رؤيتهم حتي نطمئن عليهم ونتواصل مع مشاعرهم عندما ننظر الى تعابير وجوههم ولو كانت عبر الشاشات…فهذا افضل من لا شئ…
وبالطبع ليست هذه الاستفادة الوحيدة من الشبكة الاكترونية ..فلا جدوى من سرد الاستخدامات المتعددة فهى لا يمكن حصرها..وكلنا على دراية بها..
ولكننى اهتم هنا بالجانب الاجتماعى والمشاركات بين الاهل والاصدقاء.
ولكن خطورتها حين تصبح هى الوسيلة الوحيدة للتواصل فا بالاعتماد عليها فقط بصفة مستمرة تفقد الحياة لذتها و تفرغ الكلمات من محتواها وتصبح الابتسامة مرسومة والفرحة مصطنعة ويمكن ايضا ان نطمس ما بداخلنا اثناء المشاركة فيصل للطرف الاخر مشاعر مزيفة فتصبح الحياة باهتة..وهذا تحصيل حاصل..
فهل نتصور فى يوم ان تصل العلاقة بين الاخ واخيه او الزوج وزوجته الى هذا الحد برغم وجودهم فى نفس البد او فى نفس الدولة …فتكون مختصرة على مشاركة “posts” او عبارات منقولة او تحية من كلمة واحدة …فقد اصبحت اسهل وسيلة وتختصر الوقت والمجهود…حتى انها تحل محل الاتصال الهاتفى …فلا يشعر اهل البيت الواحد بالتواصل فيولد بداخلهم حنين الى ذاويهم وهم فى نفس المكان…وبالتالى يتسرب الشعور بالوحدة والاكتئاب والحزن العميق لما اصبحنا عليه…
فهل يمكن ان تتحول ايامنا الى مجرد سطور و ان تختزل المشاعر فى بعض الحروف هل يمكن ان نتشارك الاحزان والتعازى او التهانى والمعايدات فقط عن طريق بعض الصور او المقولات المقتبسة…فياليت الكلمات التى نتشارك بها تكون نابعة من اعماق الوجدان ولكن مجرد التفكير او التعبير الحقيقى اصبح مهمة صعبة لا يمكننا تنفبذها…
وننتظر بعد ذلك الوفاء والبقاء على العهد ونندهش عندما تبرد المشاعر ونتعجب عندما نبحث عن السعادة ونفتش عن حياة اخرى معاشة بالفعل مع اناس نراهم وجها لوجه ونتبادل معهم الضحك و نتشارك معهم الهموم قبل الافراح…ومن هنا تحدث الكارثة ..فيصبح الاهل مجرد معارف ويتحول المحيطين بنا والذى فرضتهم طبيعة الحياة هم الاهل ..
وهنا احب ان اطرح سؤالا بديهيا ..هل الاهل هم من تربطنا بهم الالقاب والاسماء او عقود الزواج…؟؟؟
ام هم من نتشارك معهم المشاكل و الهموم قبل الانجازات والافراح…
ومن هنا تبدأ الكارثة فقد امست الحياة الاكترونية بلا مشاعر او مشاركة فعالة بل مجرد التزام يؤدى به نتوهم اننا نحافظ على الترابط الذى بات وهما.
فبعد ان اصبح الحبيب بعيدا والقريب غريبا فكيف يتسنى لنا ان نتواصل بنفس الحب و المصدقية؟؟
فنلجاء الى كلمات المجاملة – المصطنعة- والتى لا يمكن ان تصل الى القلب ولا تبهج من يتلقها بل بالعكس تؤلمه وكأنها ضربات متتالية على جرح يحاول ان يخفيه عن اعين الناس جمعاء..
وعليه تتحول المشاعر ويتغير التفكير وطريقة التعبير
ومن هو متعقل يتمسك بالقلة القليلة الباقية حتى يحافظ على الذكريات ويتذكرها باستمرار ليتغلب على مرار الايام ..ويحافظ على الكيان العائلي والشكل الاجتماعى….
فقد يرى القارئ العزيز ان هناك مبالغة فيما قد كتبت وعبرت عنه ولكن هذا هو الواقع الاليم الذى تعيشه الكثير من الاسر ولكنها تخفيه خوفا من اعلان الفشل او خشية ممن يريدون افساد الامور او انتهاز الفرص او تحويل مسار الامور لصالحهم…
دعائي الى الله عز وجل ان بحفظنا من هذا الشر وان يعطينا الحكمة حتى نحافظ على الترابط الحقيقى والمشاعر الصادقة التى توطد العلاقات وتثبت القيم وتدعم المبادئ وتساند الانسان فى طريق الحياة المحفوف بالمخاطر والكثير المنحنايات..فهى التى تحمينا من الاخطار لاننا نجد من حولنا اناس بالفعل صادقين وفعالين بالحقيقة وليس عن طريق الضغط على زر -المشاركة- على مواقع التواصل الاجتماعى..!