بقلم: كلودين كرمة
انه اصعب حالا..لان المتألم يخفى ألمه عن اعين الناس والحزين يدارى حزنه والمجروح يخفى جرحه والمنكسر يحجب اسباب انهزامه..فلذلك يحبس دموعه لئلا يرها اللائمين والحاقدين فيزيدون ألمه ويعمقون جراحاته فيشعر بالمزيد من الأسى ..وتختنق انفاسه وتدور به الدنيا فيسقط طريحا يقاسى الوحدة والإهمال ونظرات الاستنكار او التشفى.. و يضيق به الطريق فتتعلثم الكلمات فى فمه وتتصارع مشاعره و تتضارب افكاره ويهتز توازنه ولا يرى الا ضبابا يصعب معه وضوح الرؤية فيتكرر ويتكرر السقوط لمرات عديدة وبئس المصير..
ان رغم صعوبة تحجيم المشاعر سواء الفرح او الحزن إلا انها تمنح الانسان فرصة لتقييم المواقف وعدم الاندفاع فى التعبير عما يجول فى خاطره وهى بمثابة حصن يحتمى فيه اصحاب المشاعر الفياضة حتى لا يتعرضون للانتقاضات.. وايضا تحمي المندفعين فى اصدار الاحكام من نظرات الناس الغاضبة من اندفاعهم او لإقحام انفسهم فى امور لا تخصهم.
ومن الملاحظ فى هذا الزمان ان البكاء احل محل الضحكات الصاخبة والسعادة استبدلت بالأحزان…فكثرت الهموم وزاد الحمل على اكتاف العبيد ..نعم العبيد..فاننا نزعم اننا احرارا ولكننا حقاً عبيداً لرغباتنا وايضا لرغبات من حولنا..فدائما تحركنا رغاباتنا لتحقيق اهدافنا..فهل فى هذا عيبا ..لا اظن فاننا خلقنا لنحيا حياة كريمة نجتهد فيها حتى نحقق ما نبتغيه ..ولكن ..علينا الانتباه إلا نصبح عبيدا لهذه الامنيات بمعنى اننا نتنازل عن كرامتنا او نقول ما يريد سماعه الغير من دون اقتناع او نقبل الاهانة والاستهزاء بمبادئنا ونستبعد الأخلاق وننكر القيم ونلجأ الى الغش والخداع فنخسر انفسنا “فماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه”
فالنفس التى خلقها الله هى اغلى ما نملك وهى التى لها السيادة فيجب ان تكرم ولا تزّل ابدا.. ومن هنا يجب ان يعى كل منا ان عليه مسئولية تقع على عاتقه هى ان يحترم نفسه ويحترم الأخر ..ان يسعى لإسعاد نفسه وإسعاد الاخر و لا يبنى عزته وكرامته على حساب الاخرين ويطلب منهم الخضوع والخنوع…لان من يعلو على حساب غيره هو فى الحقيقة كائن طفيلى ضعيف لا يتمتع بأى قدر من الذكاء و لا يتمتع بمكارم الاخلاق وعزة النفس بل ويفتقد لا سباب النجاح ..لأنه اظهر قوته مستغلا ضعف الضعفاء و فقرهم واحتياجهم ..فالذي بنى حياته ونجحاته معتمدا على هذه الاساليب فانه قد بناها على اساس هش ضعيف وكل من علا على اكتافهم لا يكنون له سوى الكره والحقد.. والابتسامة المقدمه له هى وضع اضطرارى لا تحمل فى طياتها اى دعاء بدوام العز ولا اى تقدير …لان من يقدمها لا يبكى فقط بدون دموع بل هذا المسكين عليه ان يبتسم ايضا ويقدم فروض الولاء والطاعة.
واننى لا اقصد هنا فقط رجل الاعمال ومرؤوسيه انما ايضا اعنى من يضحى بصحبة الاصحاب او الترابط العائلى سواء الوالدين او الاخوة او الزوجة او الاولاد..فكل هذه هبات وعطايا ..وهؤلاء هم السند الحقيقى فى السراء والضراء…فمن يتجاهل مشاعرهم وينكر فضلهم متعللا بعجلة الحياة التى تتزايد فى سرعتها وان عليه الاسراع دائما لمواكبة ما قد يطراء من مستجدات .وهذا المسكين لا يدرك اهمية ما قد اهمله إلا اذ سقط فجأة من علوه او اصابه مصاب -لا قدر الله-
واننى اتسأل لماذا لا يستطيع الانسان رغم كل هذا التطور المتقدم فى العلم والتكنولوجيا والإمكانيات ان يدبر حياته بطريقة سوية وأسلوب مهذب يقدم فيه الحب والفرحة مع الحفاظ على نجاحاته؟ لماذا يفصل بين مسئولياته العائلية وأصحابه وعمله ويحدد اولاوياته على ما يوافقه فقط مستنكرا حق الاخرين عليه ويبدو عاجزا عن تحقيق المستوى المطلوب الوصول اليه فى مختلف المجالات..
فهل يمكن للإنسان الذى يرسم البسمة على شفاه البعض يكون هو نفسه سبب فى دموع الاخرين..فنسمع عنه من البعض انه عظيم لا مثيل له .. ومن البعض الآخر انه انسان مغرور لا يعتد إلا بنفسه..
فلنكن واضحين وثابتين على منهج اساسه الثقة بأنفسنا ومن حولنا فإننا لا نستطيع ان نحقق النجاح بينما تنقصنا الثقة مع توخى الحذر بالتأكيد.. ولنعالج المشاكل بسلاسة فلا تزيد تعقيدا .. فالذكى هو من يحول العدو الى صديق والمأزق الى طوق نجاة ..محققا كل ما يبتغيه من شهرة ومال وسعادة وحب..فطوبى لمن يتمتع بقلب الصغار وحكمة الحكماء…