بقلم: هيثم السباعي
فاجأ فوز “دونالد ترامب” بإنتخابات الرئاسة الأميريكية العالم بأكمله وشغل المساحات الرئيسية من الإعلام المقروء والمسموع والمرئي الدولي والإقليمي منذ ظهور النتائج ولايزال.
عندما كنت أسمع تصريحاته أثناء حملته الإنتخابية وآراءه العنصرية المتعلقة بالسود والمسلمين والإسبان والنساء…إلخ، كنت أعتقد أنه لن يحظ بأي فرصة لدخول البيت الأبيض، وجاءت النتيجة عكس كل التوقعات ولو أن چون كومي مدير مكتب التحقيقات الفيديرالي (إف بي آي) وتلميذ مديره الأسبق، اليميني المتطرف “چي إدغار هوڤر” قد يكون ساعد في ذلك عندما فجر من جديد عشية الإنتخابات قنبلة رسائل كلينتون الإليكترونية، أدت إلى إهتزاز الثقه بها بعض الشيء.
قرأت وسمعت كثيراً من الأراء والتكهنات حول الموضوع ولكن بإعتقادي أن التحليل التالي يعتبر الأفضل بين الآراء التي ناقشت الموضوع فأحببت أن أشارك القراء الأعزاء به. وهذا ماجاء بالتحليل المذكور:
١- بداية الإنتخابات كنت أتوقع فوز بيرني ساندرز ، بل ومتأكد منه. والذي حصل أن الحزب الديمقراطي سرق الفوز منه .. لماذا ساندرز ، وترامب؟ هما المرشحان الوحيدان الذين جاءوا من خارج المؤسسة السياسية ، وهما الوحيدان اللذان أعلنا أنهما لن يقبلا تبرعات من اللوبيات (أفراد فقط)، وهما الوحيدان اللذان قالا إنهما سيغيران النظام كلياً (ساندرز وصفها بثورة).
٢- فهم النقطة السابقة هو المفتاح الأساسي لفهم ما جرى بعد ذلك. الناخب الأمريكي مل من السياسيين وعودهم، ولم يعد يثق بهم مطلقاً.. وكانت الرغبة عارمة بأننا بحاجة لرئيس من خارج دوائر واشنطن ونخبتها الفاسدة. ولذلك مثلاً كانت نتائج جيب بوش (شقيق الرئيس السابق جورج بوش).. وحاكم فلوريدا السابق مخيّبة عكس ما كان يظن هو وداعميه.
٣- أما هيلاري ، السياسية قلباً وقالباً، وصلت للنهائي لعدة أسباب:
– صوّت لها النساء دون تفكير لأنها إمرأة.
– ساعدتها قيادات الحزب الديموقراطي لإنها فاسدة وتحت السيطرة ولا خوف منها.
– ساعدها الإعلام المنحاز بالتخويف من ترامب، خصوصا لدى المكسيكيين.
– بعد خروج ساندرز (بمؤامرة)، لم يتبق إلا هي من الحزب الديموقراطي.
٤- بدايةً يجب أن أوضح أن ترامب ليس غبياً، ليس سطحياً، وليس رجل الصدفة. كان الكل (ولا أستثني نفسي) يرون ترامب كمهرج، وهو الذي كان يعرفه الشارع الأمريكي جيداً بسبب برنامجه الشهير (The Apprentice).
شاهدوا هذا المقطع لمعرفة ترامب الحقيقي , وبداية رحلته للبيت الأبيض.
٥- بسبب شهرته وتصريحاته الخارجة عن المألوف، منحه الإعلام تغطية غير مسبوقة وأصبحت القنوات تتسابق لإجراء مقابلات معه ، وكان ذلك لسببين:
– حضوره سيزيد عدد المشاهدين مما سيولّد إعلانات أكثر.
– هو مهرج ، وبالنهاية لن ينتخبه الشعب الأمريكي . لذا لا ضرر من حضوره. أقرب مثال هو قنواتنا عندما كانت تستضيف المصرية صاحبة (شت أب يور ماوس أوباما) أو (شعبولا) قبلها!
٦- ما منحه الإعلام الأمريكي من تغطيات لترامب مجاناً، كانت ستكلف مئات الملايين لو طلبها غيره، وهذا الطمع (بالإعلانات) .. واللامبالاة (القراءة الخاطئة) هي كانت بداية بروز هذا (البلدوزر) ووصول رسالته للناخب الأمريكي.
٧- يجدر القول أن ترامب كبير بالسن ، ٧٠ سنة، وهو أكبر مرشح رئاسي سناً بتاريخ الإنتخابات الأمريكية ، ولكنه ومع ذلك يملك نشاطاً وطاقة عجيبة. ويقول عنه طبيبه الشخصي أنه لا يشرب ولا يدخن ، لكنه بنفس الوقت لا يمارس الرياضة ويأكل اللحم بشراهة، تلك الطاقة جعلته حدث الساعة ، تفتح قناة فضائية تجده بمقابلة ، نفس الأمر بالمذياع ، ويكتب بتويتر ليل نهار..لدرجة إنه تم إكتشاف أنه يغرّد أحياناً من المرحاض!
٨- ترامبب، عن طريق تلك التغطية الإعلامية الهائلة (غير المقصودة)، أوصل رسالته البسيطة، بلغة بسيطة، للناخب الأمريكي البسيط.
ماهي تلك الرسالة؟