بقلم: كلودين كرمة
هذه حكمة مختبرة من الحكماء والمؤمنين بالله..
الكل ينتظر المعجزات أن تأتى إليه وبصورة عجائبية؛ فى حين أن الله أعطانا أكثر من وسيلة لتحقيق المعجزات وأنار لنا الطريق بحكمة الحكماء واختبارات حية عاشها من سبقونا وغيروا بها مسارات وما اعتقدوا انها مقدرات…إنها تكمن فى كلمة بسيطة لكنها معاشة.. هى المحبة..
ولا يمكن أن تحقق المحبة المعجزات إلا إذا كانت بدو ن أغراض..فإى أجر لنا أن أحبابنا الذين يحبوننا فقط..لأننا أن توقعنا رد الجميل والمحبة ممن حولنا كشجرة ومكافأة لمحبتنا لهم فإننا بذلك نحب بغرض أن نكون محبوسين ونسمع باستمرار صدى إطراء الناس لنا أينما ذهبنا فيكون مجرمين على الدوام…وليس هذا نوع المحبة التى أقصاها.
وليست هذه هى المحبة التى يمكن أن تغير القلوب …وتبقى النفوس ..وتبهر العقول.
إنما ما اقصده هو ما أشبه بالخير الوفير الذى يغمر كل من يحيط بنا …فلنتأمل أن الله “يشرق شمسه على الأبرار والأشرار” وان الأمطار تأتى بالبشرة الطيبة و الأمل لكل البشر..فهى تروى كل الأراضى وكل انسان ، والتفرقة ابدا من يستحق أو من لا يستحق!!
كذلك الله سبحانه وتعالى يعطى فرصة الحياة للجميع ويتأنى و هو لطيف بعباده. ويستر كثرة من الخطايا ويقبل توبة اللذين يندمون على ما بدر منهم من إساءة فى حقه جل جلاله أو فى حق خلقه…فإذا كان الله تعالى يحبنا بهذا المقدار حتى أنه يمحو ذنوب عبيده ..أفلا نلقى أشد عقاب أن لم نسامح نحن العبيد ، العبيد مثلنا؟؟؟!
فأى حجة نستطيع أن نبرر بها أنفسنا أمام وجهه تعالى إذا كنا لا نرحم بعضنا بعض ..ونطلب من العلى أن يرحمنا…فكلنا خطأ..”ليس بار ولا واحد” من منا يستطيع أن يجزم انه لم يخطئ ولو مرة واحدة بالقول أو بالفكر…من منا يتجرأ على الثبات فى اليوم الأخير ويقول ان ضميره صالح وان حياته بلا ذنب وان صفحته بيضاء كالثلج؟؟
إليك الإجابة الحقيقية والحقيقة..: لا أحد…
تأمل معى لو استطعنا أن نكون مثل أشعة الشمس التي خلقها الله حتى تنير للجميع وتسعد قلوبهم وتشعرهم بالبهجة وان نكون مثل قطرة الندى التى تنتظرها أوراق الأشجار فى كل صباح…
هذا يبدأ مستحيلا ..وانا أوافقك الرأى ..إذ اعتمدنا على مقدمتها البشرية الضعيفة..ولكن إن تقودنا بحفظ وصايا الهنا وتأمين صفاته وطلبنا منه أن ينعم علينا ولو بجزء صغير من محبته وان يعيننا على نشر المحبة العاملة والخير والرحمة ..فبالتأكيد أن الله يستجيب. لأنه سميع عليم..ينقصنا فقط أن نؤمن أن المولى لن يخلق البشر حتى يغتاب بعضهم بعض. أو من أجل أن يتناحروا او ان يتقاتلوا.. فهذه كلها من الشيطان..لأنه هو الظلام بعينه والدمار والبؤس. وهو من يزرع فى نفوسنا الزوان بدلا من القمح ويصور لنا أنه لا يمكننا أن نحقق السعادة والاستقرار والغنى إلا على حساب أمن الآخرين واخافتهم لنهب ما لهم وأموالهم.. فأصبح السادة من بأيديهم المقدرات .. واخافتهما لعياذ بالله.
فإن أردت أن تختبر المحبة الحقيقية .فتأمل فى محبة الله لنا وأعماله معنا .فإنه يتمجد ويظهر ذاته فى عالمه عن طريق أنبياء. فهم أيضا عبيده ولكن قلبهم انفتح لمحبته وأكدوا استعدادهم لنكران ذواتهم فى سبيل إرضاء الله ..”ينبغى أن يطلع الله أكثر من الناس” .
نسمع كثيرا كلام غير متوافق مع تعاليم وصايا الله فهى تعاليم البشر ..ناتجة عن خبراتهم الحياتية المريرة..وبالتالى ينصحون أبنائهم و أصدقائهم بالاتجاه إلى القوة والاحتماء وراء الأكاذيب و قهر من هم أقل منهم شأنا..و الكثير من الأفكار الهدامة التى لا يمكن أن تتقدم أو ترتقي بالإنسان وبالتالى فإنها تفسد المجتمع ككل..
فنحن نعيش فى عالم يفتقر إلى المحبة..”فماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه” وكلنا نحتاج أن نشعر بالأمان و ننعم براحة البال.. وكأن لسان حالنا يطلب ‘محبة لله’ فإن المحبة هي الطريق الوحيد الذي يشعرنا أن لنا أهل وسند.. فبدونها لا نستعرض وجود حتى المقربين ..فإن المحبة فى الله تجعلنا ننعم بالحياة والسلام والرضى ..فإنها نعمة من نعم الله يستحق جلاله الشكر عليها..
فمهما علا شأنك أو زاد غلاك فتحتسب فقير..فالمحبة هى الكنز الحقيقى الذى يغنيك ويغني من حولك..تقدمها فتسعد..ويزداد شعورك بالقوة .. فالقوة تكمن فى العطاء والسعادة هى الوحيدة التى تقبل الشركة وتزدهر بالعطاء ولا تنقص ابدا. بل تنعكس بهجتها فتعود إليك كما ينعكس الضوء فترى نفسك فى المرآة فإن كنت انت بالحقيقة كريم ومحب فهذه هى صورتك التى تنعكس فى عيون الناس تلقائيا دون سعيك إلى هذا…فطبع نفسك على الخير فإن الإنسان خلق عليه حتى تحلو صورتك أمام خالقك..
فإننا بمفتاح المحبة نستطيع أن نصنع المعجزات ..ولا ننتظر فى كسل وخمول. فإن الله أعطانا هذه الموهبة حتى نستغلها الاستغلال الحسن..فهيا بنا معا لنغير وجه الأرض التى شوهناها بقساوتنا وشرنا ..هيا على الفلاح!!! فإن الله لا يساند المتعالين ولا يعين من يستهين بنعمه ولا يلتفت إلى خيراته العديدة …
المحبة الحقيقية هى التى تستطيع أن تحول عدوك الى صديق.. وهي التى تفتح المجال للنقاش دون العراك..وهى التى تبنى بيت ولا تهدم ..وهى التى ترد القلوب عن الشرور..هى التى تزرع الامل فى النفوس اليائسة هى التى ترسم الابتسامة على الوجوه الحزينة هى التى تقدم المساعدة لمن يطلبها وليس لمن يستحقها فقط. فإننا لا نستحق رحمة الله أيضا ولكنه لم يحرمنا منها بل هى خطية ووزر لنا من يقنط من محبة ورحمة الهه…فالمحبة هى التى تنصر الحق ولا تنحاز….فبها تتحقق العدالة الانسانية و بدونها تتحول العدالة إلى انتقام ووحشية وتنتهى بنا إلى الهمجية..
فعلى سبيل المثال: العتاب بمحبة يكسب القلوب ولكن الشجار وتبادل الألفاظ النابية لا يأتى لا بالكره والعناد والمزيد من الشر الذي يصل حد الانتقام بل وإلى القتل أيضا..
فمن كان له عين فليبصر ويميز ويختار أن كان يحلو له تحقيق المعجزات وتغيير القلوب بالمحبة التى بدورها تستلزم المساعدة والتضحية وإسعاد الآخرين. وهو الطريق إلى قلب الله و استحقاق رحمته..أو أن يختار الطريق إلى جهنم ومشورة الشرير ويمضى قدما فى الدمار وهدم كل ما هو للبنيان والتقدم والحضارة…