بقلم: سليم خليل
فشلت إدارة الرئيس باراك أوباما في الولايات المتحدة منذ بضعة أسابيع في الكونجرس الأميركي في إصدار مشروع قانون ينظم تجارة الأسلحة وحملها واستعمالها؛ وكان الفشل بسبب الامتناع عن التصويت من الأكثرية – الحزب الجمهوري – وتعليق جلسات المجلس .
كان عدد ضحايا استعمال السلاح في الولايات المتحدة العام الماضي ثلاثين ألف ضحية ولا يتوقع المراقبون أن ينخفض هذا العدد في السنين القادمة ؛ وهذا العدد يفوق عدد ضحايا كافة حوادث السير والتنقل والكوارث الطبيعية .
مشروع تنظيم بيع واستعمال السلاح المذكور ليس الأول من نوعه! تتكرر المجازر ولا تمض فترة إلا وتحدث مأساة ومجزرة من استعمال أسلحة هجومية متوفرة في أكثر البيوت وفي متناول الأطفال والشباب والشيوخ . حتى الآن عجزت كافة الحكومات التي اهتمت بتنظيم بيع واستعمال السلاح أمام ضغوط شركات إنتاج السلاح التي تؤثر بأموالها الهائلة على نتائج الانتخابات بشكل عام .
تتمسك شركات إنتاج وتجارة الأسلحة والسياسيون المنتخبون بدعم تلك الشركات بنصوص الدستور الذي يضمن حقوق الدفاع عن النفس بالسلاح أو بأي وسيلة أخرى ؛ ويتناسى مناصروا حمل السلاح واستعماله بأن نصوص الدستور كتبت عندما كانت أكثرية السكان تعيش في الأرياف وفي المزارع وقبل اختراع السيارة والطائرة والهيلكوبتر وكانت الحياة والتعامل في المناطق النائية شبيهة بأفلام الكاوبوي وكانت وسيلة النقل السريع الخيول ؛ ولذلك ضمن الدستور حقوق حمل السلاح والدفاع عن النفس بشتى الوسائل لردع العصابات والمجرمين.
نتج عن ضمان تلك الحقوق بناء مصانع أسلحة وتجارة بأرقام خيالية وأرباح لا تخضع لمراقبة تذكر ؛ ورؤوس أموال هائلة تضمن انتخاب مؤيدي حرية بيع واستعمال السلاح الذين يدافعون بشراسة ضد أي محاولة تنظيم بيع وحمل السلاح بحجة وباعتبار أن نصوص الدستور مقدسة لا تمس ولا تتغير .
ولاية تكساس تسمح لطلاب الجامعات بحمل السلاح
خلال الحملات في الكونجرس لتنظيم بيع وحمل السلاح على مستوى كافة أراضي الولايات المتحدة سمحت ولاية تكساس الجنوبية لطلاب الجامعات – بعمر ٢١ سنة وبموجب رخصة – بحمل أسلحتهم في أبنية وقاعات الدراسة في الجامعات .
أثار هذا الموضوع الجامعات الخاصة في تكساس وعددها ٢٣ جامعة ؛ وقررت بأجمعها معارضة القانون وقائلين : في الثكنات العسكرية الأميركية يحرَم حمل الأسلحة ؛ وتوضع الأسلحة في مخازن مغلقة ؛ ويستعمل السلاح في التدريب فقط وفي ساحات مخصصة للتدريب ! فلماذا يسمح للطلاب بحمل السلاح في قاعات التدريس وفي غرف المنامة ؛ كم بدأ أهالي الطلاب يعربون عن مخاوفهم بإرسال أبنائهم إلى قاعات تدريس مسموح فيها حمل السلاح!
اشتهرت جامعة هيوستن تكساس الرسمية بتدريس اللغات الأجنبية وكانت كافة جامعات الولايات المتحدة ترسل طلاب دراسة اللغات إلى هيوستن لإتمام دراساتهم . بعد صدور قرار يسمح بحمل السلاح أخذت تلك الجامعات تحول تلاميذها إلى جامعات أخرى خوفا من تواجد تلاميذهم بجانب آخرين مسلحين .
يقول مسئولو جامعة هيوستن الرسمية إن المسموح لهم بحمل السلاح يخضعون لدورات تدريبية ولا خوف من تدهور الأمور ؛ لكن تلك الضمانات لم تغير رأي الجامعات الأخرى؛ كما أن الكثيرين من أساتذة جامعة هيوستن أعلنوا عن مخاوفهم من وجود طلاب مسلحين خلال تقديم الدروس والحوار والمناقشات العلمية إلخ ؛ لكنهم يخشون مخالفة القانون الذي صدر رسميا في تكساس.
تدور بعض القوانين في دوائر مفرغة في الولايات المتحدة وتبقى الأسواق المالية المحرك الرئيسي في الانتخابات وهذا ما نعيشه الآن في انتخابات الرئاسة والنواب صانعي القوانين وحملات التبرع بملايين الدولارات لتمويل نفقات ومصاريف الحملات الانتخابية وبالطبع سيكون للممولين تأثير في إصدار القوانين والحفاظ على مصالحهم ومنها مؤسسات تجارة الأسلحة .