بقلم: هيثم السباعي
نكمل اليوم وصف المؤرخين والمستشرقين والمفكرين لطبيعة العقلية العربية.
٢.٢. طبيعة العقلية العربية (تمت):
ونجد في كتاب “جزيرة العرب في القرن العشرين” لحافظ وهبة” فصلا بعنوان “السكان”، وردت فيه ملاحظات كيسة عن عقلية الحضر وعقلية البدو في المملكة العربية السعودية وفي بعض المناطق المجاورة لها في الزمان الحاضر. وهذه الملاحظات وان كانت تتعلق بعرب هذا اليوم، إلا أنها مع ذلك ذات فائدة ومنفعة لفهم العقلية الجاهلية، فالزمان وان تباعد بين عرب الجاهلية وعرب القرن العشرين، إلا إن الخصائص العقلية لأكثر أهل البادية المنعزلين عن عالمهم الخارجي لا تزال هي هي، لم تتغير في كثير من الأمور، بل خذ من نسميهم “الحضر” أو العرب المستقرين في جزيرة العرب، فإن البعيدين منهم عن الأماكن التي لها اتصال بالعالم الخارجي وبالأجانب لا يزالون يحتفظون بكثير من خصائص عقلية حضر اليمن أو الحجاز عند ظهور الإسلام. ومن هنا تفيدنا ملاحظات “حافظ وهبة” هذه وملاحظات غيره من أذكياء العرب والسياح والخبراء الأجانب فائدة كبيرة في التعرف على أسس تفكير العرب قبل الإسلام
فالبدوي ينظر إلى غيره نظرة العدو الذي يحاول أخذ ما بيده أو حرمانه من المرعى. والقبائل العريقة المشهورة من حضر وبادية تحافظ على أنسابها تمام المحافظة وتحرص عليها كل الحرص، فلا تصاهر إلا من يساويها في النسسب، والقبائل المشكوك في نسبها لا يصاهرها أحد من القبائل المعروفة ولهذا لا نجد البدو يؤمنون بصفة التقدم والنشوء والأرتقاء.
وقد تأصلت الفردية في انفس الأعراب وفي أنفس أشباه الحضر وفي اكثر الحضر، حتى صارت أنانية مفرطة، عاقت المجتمع العربي في الجاهلية وفي الإسلام عن التقدم و عن التوثق والاتحاد، وفي الأدبين الجاهلي و الإسلامي أمثلة عديدة سارت بين الناس تمثل هذه النظرية الضيقة إلى الحياة.
ومن هنا نجد العربي الأصيل الذي لا شك ولا شبهة في أصله العربي، إذا أقام وحده مدة في مجتمع غربي حيث الطبيعة مختلفة عن طبيعة بلاده وحيث الظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية متباينة عن الظروف المذكورة في بلاده، تغير وتبدل وتأقلم وانسجم مع القوم الذين صار يعيش بينهم. ويتوقف هذا التحول بالطبع على عمر الشخص. ومن هنا نجد الجيل الثالث من أجيال المهاجرين العرب الذين هاجروا إلى أميركا مثلا، وتجنسوا بها، جيلاً أمريكيا في كل شيء، حتى في لغته وثقافته وشعوره وهواه. وقد برز من هذا الجيل الجديد اليوم قوم في ميادين العلم والتجارة والمال والصناعة والسياسة والعمل، ودخل نفر منهم مجلس النواب في واشنطن.
٣. العصر الاسلامي، أهم الخصائص:
لن أدخل في تفاصيل المراحل المختلفه من العصر الاسلامي للإختصار من جهه والتركيز على مايفيدنا في الموضوع الذي نحن بصدده من جهة أخرى. الا أنه من المهم الإشاره الى أن الإمبراطوريه الإسلاميه بقيادة العرب قد بلغت أوجها في القرنين التاسع والعاشر.
ستتضمن هذه الفقرة الخلافة الراشدة واالعصور التي تلتها ممثلة بالعصرين الأموي والعباسي ويليهما عصر الإنحطاط قبل الحديث عن الخطاب الديني.