إبراهيم كحيل
حلب أكبر مدينة في سوريا كانت تعد عاصمة البلاد التجارية والصناعية.
وفي السنة الأولى من الانتفاضة وتنفيذ المؤامرة ضد الوطن لم تشهد حلب أي من الاحتجاجات أو العنف اللذان هزا غيرها من المدن والبلدات في سوريا.
ولكنها أصبحت فجأة – في عام 2012 – ساحة قتال رئيسية عندما شن المتمردون والمرتزقة المدعومين من تركيا ودخول مسلحي الإرهاب الأجانب هجوما يهدف إلى طرد القوات الحكومية من المناطق الشمالية من سوريا.
ولكن هذا الهجوم لم يكن حاسما بفضل مقاومة الجيش العربي السوري ودعم الأهالي ولجان الشباب الحلبي الذي ساند الجيش الباسل.
مما ترك حلب مقسمة بين مناطق يسيطر عليها الإرهابيون وأخرى تحت سيطرة الحكومة , وكان طرفا النزاع يتبادلان السيطرة على بعض المناطق بشكل شبه يومي عموماً.
يسيطر الإرهابيون وجبهة النصرة على الأجزاء الشرقية من المدينة فيما تسيطر القوات الحكومية على الأجزاء الغربية.
ويهدد الهجوم الذي شنته القوات الحكومية في العام الماضي بدعم جوي روسي بتوجيه ضربة حاسمة للمسلحين في هذه المنطقة والذي اثر بالمسلحين ونتج عنه ترك السلاح والهروب للحدود التركية
تاريخ حلب في سطور
تعد حلب واحدة من أقدم واعرق المدن في العالم على الإطلاق، فقد ورد ذكرها في المخطوطات المصرية التي يعود تاريخها إلى القرن العشرين قبل الميلاد.
وعثر في قلعة حلب الشهيرة على آثار معبد يعود تاريخه للألفية الثالثة قبل الميلاد.
وأثرت حلب سياسيا واقتصاديا في القرن الثامن عشر قبل الميلاد بوصفها عاصمة لمملكة يمحاض حتى سقوطها على أيدي الحيثيين.
بعد ذلك، أصبحت حلب مدينة مهمة في العصر الهيليني ونقطة تجارية رئيسية للتجار المتجهين من البحر المتوسط إلى الأراضي الواقعة إلى الشرق.
وتم استيعابها لاحقا من قبل الإمبراطورية الرومانية، ثم أثرت بوصفها مركزا للقوافل التجارية تحت الحكم البيزنطي.
وفي عام 636 ميلادية، سيطر عليها العرب المسلمون، وبعد نحو 80 عاما وخلال فترة حكم الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك تم تشييد جامعها الكبير.
وفي القرن العاشر الميلادي، أصبحت حلب عاصمة للدولة الحمدانية، أعقبت ذلك فترة اتسمت بالفوضى والحروب تصارع فيها البيزنطيون والصليبيون والفاطميون والسلاجقة على السيطرة على المدينة والمناطق المجاورة لها.
ولم تتماثل حلب إلا في منتصف القرن الثاني عشر، وفي القرن الثالث عشر وتحت حكم الأيوبيين تمتعت المدينة بعهد من الثراء الكبير والتوسع.
ولكن ذلك العهد انتهى فجأة في عام 1260، عندما غزاها المغول. وعانت المدينة من وباء الطاعون عام 1348 ومن هجوم مدمر قاده تيمورلنك عام 1400 ميلادية.
وفي عام 1516، أصبحت حلب جزءا من الإمبراطورية العثمانية، وأصبحت مركزا لولاية حملت اسمها وبرزت كمركز للنشاط التجاري بين الشرق وأوروبا.
ولكن دور حلب كوسيط تجاري انحسر في أواخر القرن الثامن عشر، وانحسر أكثر عندما رسمت بريطانيا وفرنسا حدود الدولة السورية الحديثة التي عزلت المدينة عن جنوبي تركيا وشمالي العراق علاوة على خسارة ميناء الإسكندرون لتركيا في عام 1939.
وعقب استقلال سوريا، تطورت حلب لتصبح مركزا صناعيا مهما ومنافسة للعاصمة دمشق. وزاد عدد سكانها بشكل كبير من 300 ألف نسمة إلى حوالي 2,3 مليون نسمة بحلول عام 2005.
وعندما اندلعت الاحتجاجات ضد الحكومة السورية في طول البلاد وعرضها في آذار / مارس 2011، كانت حلب بعيدة كل البعد عما يجري في بعض المدن.
ليأتي شباط / 2012
هز حلب انفجاران استهدفا مقري الاستخبارات العسكرية والشرطة وأسفرا عن سقوط 28 شهيدا.
ثم بدأت وتيرة الاشتباكات بين المسلحين والقوات الحكومية تزداد في المناطق المجاورة من محافظة حلب.
وبدأت المعركة من اجل السيطرة على حلب نفسها في أواسط تموز / يوليو 2012 حقق خلالها المسلحون نجاحات سريعة وسيطروا على عدد من الأحياء وبدعم تركي سعودي قطري أمريكي في شمال شرقي المدينة وجنوبها وغربها.
وما إن شارف شهر تموز على الانتهاء حتى انتشر القتال إلى قلب المدينة ووصل إلى أسوار المدينة القديمة التي تعدها منظمة اليونسكو موقعا للتراث العالمي.
وفي أيلول / سبتمبر 2012، أدت الاشتباكات إلى حريق كبير أتى على سوق المدينة القديم، وفي نيسان / ابريل 2013، هدمت مئذنة الجامع الكبير الذي يعود تاريخه إلى القرن الحادي عشر الميلادي.نتيجة قصفها من قبل الإرهابيين. وهدموا اغلب المعالم الأثرية بالتفخيخ والانسحاب
وفي غضون بضعة أشهر تحولت معركة حلب إلى حرب استنزاف يتبادل فيها الطرفان السيطرة على الأراضي بشكل مستمر.
وبقيت حلب صامدة وأهلها صابرين يدا بيد مع الجيش العربي السوري.