بقلم: فريد زمكحل
هناك مساحة دائماً من التناقض الذي لا أفهمه بين ما تعلنه وبين ما تطبقه الدولة المصرية على الأرض بالفعل .
ففي الوقت الذي تعلن فيه الدولة تصديها للإرهاب وجماعات الاسلام السياسي نجدها تفرج عن مئة شخصية من كبار رموز الإرهاب وجماعة الإخوان ومنهم صفوت عبد الغني وعلاء أبو النصر.
وفي الوقت الذي تعلن فيه عن نيتها في تطهير بعض المواقع الحساسة في الدولة من بعض رموز هذه الجماعات المتشددة نجده تعين البعض منهم من معتادي الارهاب في بعض المواقع الرسمية المؤثرة في الدولة.
وفي الوقت الذي تعلن فيه وتؤكد على مدنية الدولة المصرية نجدها تفعل العكس بتبنيها لنصوص بعض القوانين المُعابة مثل قانون إزدراء الأديان الذي أطاح ببعض نجوم المشهد السياسي وبعدد من الكتاب والمفكرين والمثقفين مثل المستشار الزند، وإسلام البحيري، وفاطمة نعوت وغيرهم.
وفي الوقت الذي تعلن فيه عن تمسكها بحرية الرأي والتعبير نكتشف بأنها تصادر الحريات وتكمم الأفواه وتمنع التعبير.
وفي الوقت الذي تتكلم فيه عن ضرورة تغيير الخطاب الديني نجدها تجدد تصاريح الخطابة لشيوخ الجهالة والإرهاب والتطرف ممن على شاكلة الداعية المتطرف ياسر برهامي .
وفي الوقت الذي تتكلم فيه عن ضرورة الاهتمام بالتعليم على كافة المستويات وبضرورة تغيير وتنقيح المناهج الدراسية من كل ما هو خاطئ وخطير ومضر ولا يتوافق مع الصالح العام. نجدها لا تتقدم قيد أنمله لتصحيح هذا الوضع الذي بات مصدر الخطر الأول على مستقبل الأمن القومي المصري بعد أن بات مفرخة لأجيال من أنصاف المتعلمين وأنصاف المتطرفين.
وفي الوقت الذي تعلن فيه عن تعقب الفساد والمفسدين نجدها تعود للتصالح مع الذين عاثوا في الأرض فساداً من خلال صفقات أمنية مشبوهة.
لذا أعتقد بأنه لا سبيل للخروج من هذا المأزق الأخلاقي الكبير إلا من خلال تصالحنا مع الذات من خلال تطبيق ما نعلن عنه، والإعلان عن ما نطبقه بالفعل دون زيادة أو نقصان وبكل صراحة ووضوح .
وأولاً وأخيراً أن نلتزم الأخلاق إذا كنا نسعى بجدية وحرفية للتقدم .. مرة أخرى الأخلاق، وصدق أمير الشعراء أحمد شوقي حينما قال:
«إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا»