شهد حي “كاناريجيو Cannaregio” في مدينة البندقية الإيطالية افتتاح أول مسجد في المدينة العائمة و الذى أقيم على أطلال كنيسة كاثوليكية مهجورة منذ عدة عقود حيث تبنى الجناح الآيسلندي في “معرض بينالي البندقية الدولي للعمارة السادس والخمسون” أعمال تحويل الكنيسة إلى مسجد بمساعدة المسلمين المقيمين في المدينة ويشرف الفنان السويسري “كريستوف بوشيل Christoph Buchel” على أعمال الترميم و البناء .
و قد بدأ المسجد استقبال زواره المسلمين القاطنين في المدينة يوم الجمعة الماضية الذين أبهرهم المظهر الجديد للمسجد بعد أن كان كنيسة مهجورة، حيث تمَّ تزيين جدرانه من الداخل بالحروف العربية و الآيات القرانية، و المحراب الذى يدل على موضع القبلة والمئذنة التي تم نصبها في سقف المسجد الجديد.
الا ان تحويل الكنيسة التاريخية لمسجد اغضب السلطات الكاثوليكية والمسؤولين في مدينة البندقية، و هددوا بإغلاقه بزعم انه قد سمح للمسلمين بالصلاة داخل كنيسة “سانتا ماريا ديلا ميزيريكورديا Santa Maria della Misericordia” و تحويلها مؤقتا إلى مكان لعبادة المسلمين كجزء من فعاليات بينالي ومعرض الفن المعاصر لهذا العام.
و البندقية على الرغم من علاقاتها التجارية منذ قرون مع الشرق، و تاثرها بالفن العربي والعمارة، واللغة، و على الرغم من وجود الاف المسلمين من 29 جنسية بالمدينة الا ان المدينة لم تسمح ببناء مسجد في وسطها التاريخي و حيث كان المسلمين بالمدينة يؤدون الصلاة خارج قصر تاريخى يعود للقرن الثالث عشر .
وتقول السلطات الكاثوليكية بالبندقية انه كان ينبغي استشارتهم حول هذه المبادرة، على الرغم من أن الكنيسة مهجورة منذ 45 عاما، ومملوكة للقطاع الخاص منذ عام 1973 ، و لكن السلطات هناك ترى ان تحويل الكنيسة الى مسجد سيكون مؤقتا كما كان مقررا له ان يستمر طوال فترة البينالى التى تمتد حتى نهاية نوفمبر المقبل فقط .
و قد قرر مجلس مدينة البندقية أنه ما لم يتم استخراج التصاريح الصحيحة من قبل الفنانين المسئولين عن هذا الامر فانه سيتم اغلاق المسجد بحلول 20 مايو الجارى ، و ذلك نتيجة احتجاح اعضاء الحزب اليمينى ” فراتيلي دي إيطاليا Fratelli d’Italia“، و الذين نظموا احتجاجات خارج المسجد المؤقت و رفضوا خلع احذيتهم عند دخولهم للمكان قائلين انه مجرد عمل فني و لا يعني وجوده انه مسجدا للعبادة يفترض معه الالتزام بآداب دخوله .
و يقول “لويجي بوريجينيرو Luigi Brugnaro” وهو رجل أعمال ايطالي بارز يقود حملة ليكون الرئيس المقبل لبلدية البندقية ” ان مبادرة تحويل الكنيسة التاريخية الى مسجد كانت خاطئة و تمت دون الأخذ بعين الاعتبار مشاعر اهل البندقية” بينما اكد “محمد أمين الأحدب” زعيم الجالية المسلمة في مدينة البندقية ” ان المسجد، يعد بمثابة العمل الفني الرسمي ، و هو عمل مؤقت ولا نريد استفزاز أحد. و هو عمل فني مؤقت و لكنه مفيد بالنسبة للمسلمين و فى نفس الوقت وسيلة يمكن أن تشجع الحوار”.
يذكر ان بينالي البندقية يقام مرة كل سنتين ويتميز بجذبه للفنانين في جميع أنحاء العالم ويستمر حتى 22 نوفمبر و تعرض اعماله في جميع أنحاء مدينة البندقية.